الأمم المتحدة تتهم المغرب بحملة تطهير عرقي في الصحراء الغربية

تيرس نيوز

مشروع عمراني استيطاني في الداخلة

في ظل الانشغال الدولي بالصراع في غزة والضفة الغربية، سلّط تقرير صادر عن ثمانية مقررين خاصين بالأمم المتحدة الضوء على ما وصفوه بـ”حملة تطهير واسعة النطاق” تقودها السلطات المغربية ضد السكان الصحراويين الأصليين في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في أفريقيا لم تستكمل عملية إنهاء الاستعمار منذ احتلالها من قبل المغرب عام 1975.

التقرير، الذي نُشر مؤخرًا، يُدين عمليات القمع والتمييز العنصري التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء المؤيدين لتقرير المصير، مع توثيق 79 حالة انتهاك مباشر كمؤشر على تصعيد الوضع.

مصادرة الأراضي لصالح الطاقة والسياحة

أبرز ما يكشفه التقرير هو تنفيذ السلطات المغربية عمليات هدم وإخلاء قسري شملت ممتلكات خاصة ومنازل صحراوية واقعة على طول الساحل الأطلسي، وذلك ضمن خطة تهدف إلى تمهيد الأرض لإنشاء مشاريع لطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر والبنية السياحية. عمليات الإخلاء تمت غالبًا باستخدام الجرافات، وبدون أوامر قضائية، وفي ساعات الفجر لتفادي أي مقاومة أو تغطية إعلامية.

وقد دعّمت صحيفة إل إندبندينتي الإسبانية هذه المعطيات في تقرير نُشر بتاريخ 6 سبتمبر 2024، حيث كشفت عن هدم عشرات المنازل الصحراوية في ضواحي مدينة العيون، دون سند قضائي، وفي ساعات الفجر، وهي ظروف تؤكد طابع الترهيب والتعتيم الذي يرافق تلك العمليات. وذكرت الصحيفة أن القوات المغربية استهدفت منازل يقطنها مسنون ونساء حوامل وأطفال، مما تسبب في موجة تشريد واسعة. وتصف الصحيفة هذه الحملة بأنها جزء من سياسة “قمع ممنهجة” تهدف إلى تغيير البنية الديمغرافية لصالح المستوطنين المغاربة.

منازل مدمرة في الصحراء الغربية بعد هدمها من قبل القوات المغربية
دمار منازل صحراويين بفعل الهدم المغربي

وفي المناطق الممتدة من لمسيد إلى فم الواد، تعرّضت مئات المنازل للتدمير، بعضها بإشعال حرائق من قبل القوات المساعدة المغربية، بحسب الشهادات الموثقة. هذا الشاطئ كان بمثابة ملاذ للعائلات الصحراوية بعيدًا عن عسكرة مدينة العيون، لكن منذ تفكيك مخيم أكديم إزيك في 2010، فُرضت قيود مشددة على استخدامه.

يشير التقرير إلى أن السلطات المغربية لجأت منذ 2022 إلى إحراق تلك المنازل بشكل ممنهج، ورفضت حتى منح السكان الوقت الكافي لتفكيك منازلهم.

المنظمات التي رفعت الشكوى، ومنها CODESA و ASVDH، تعتبر هذه السياسات جزءًا من خطة لتغيير التركيبة السكانية للأرض عبر تشجيع استيطان المغاربة وتهميش السكان الأصليين، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني.

ردود الأمم المتحدة والمغرب

الخبراء الأمميون دعوا الرباط إلى توضيح الإجراءات التعويضية، وتوفير سكن بديل وسبل انتصاف قانونية، مطالبين في الوقت ذاته بوقف فوري لعمليات الهدم والإخلاء. كما شددوا على ضرورة تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير وفقًا للمعايير الدولية.

من جهتها، نفت الحكومة المغربية الاتهامات، ووصفتها بأنها حملة تضليل يقودها من “يسيّسون آليات الأمم المتحدة”. غير أن التقرير الأممي يضع المغرب أمام انتقادات متصاعدة، خاصة مع تزايد مشاريع الطاقة التي تطورها شركات متعددة الجنسيات، دون استشارة أو موافقة الشعب الصحراوي، كما أكدت أحكام سابقة لمحكمة العدل الأوروبية.

يحذر التقرير من الإفلات التام من العقاب، مؤكداً أن المغرب يواصل معاقبة الصحراويين على هويتهم، وسط غياب أي حماية دولية فعلية. كما أشار إلى التعتيم الإعلامي المفروض على الإقليم ومنع دخول بعثات الأمم المتحدة منذ أكثر من عقد.

يكشف هذا التقرير عن نمط ممنهج من الاضطهاد والتمييز ضد الصحراويين، ويدق ناقوس الخطر أمام المجتمع الدولي بشأن استمرار الاحتلال المغربي في تنفيذ سياسة الأمر الواقع دون مساءلة أو مراقبة حقيقية.