حين تتغيّر خرائط العالم… هل نملك ترف الغفلة ؟

تيرس نيوز

في عالم يتسارع فيه كل شيء… تتغيّر الخرائط، تسقط الأقنعة، وتُعاد كتابة التحالفات بخطوط سميكة وجريئة، تفرضها المصالح العارية لا المبادئ. إنه زمن التحولات الدراماتيكية التي لا تنتظر المترددين ولا تُراعي الغافلين. كل شيء يتبدّل: الخطاب، التموضع، الاصطفاف، وحتى تعريف “العدو” و”الصديق”. وفي خضمّ هذه العاصفة العالمية، لا بدّ لنا كصحراويين أن نتوقّف لحظة، ونسأل أنفسنا: هل نعي حقًا ما الذي يحدث؟ وهل نحن مستعدون لما هو قادم؟ إن ما نشهده اليوم من مأساة إنسانية وسياسية في غزة ليس مجرد حالة استثنائية، بل عنوان عريض لتحول عالمي خطير، وبروفة دامية تُختبر فيها مواقف الشعوب وتُفرز فيها القوى، وتُستهدف من خلالها كل حركات التحرر الوطني.

فإذا كان الشعب الفلسطيني يذبح أمام أعين العالم، بلا حساب، وبلا مساءلة، فماذا ننتظر نحن؟ هل نعتقد أن حركتنا الوطنية في مأمن؟ هل نتصور أننا خارج دائرة التآمر والاختراق؟ وهل ما زلنا نعتقد أن العدو سيمنحنا وقتًا للتفكير، أو فرصة للراحة؟ لقد ولى زمن الانتظار، وسقطت كل أوهام الحياد واللاموقف. لم يعد هناك وقت للأنانية، ولا مكان للأبراج العاجية، ولا فائدة من الخطابات المنفصلة عن الواقع. نحن أمام مفترق طرق تاريخي، إما أن نكون أو لا نكون. فلتسقط كل الحسابات الشخصية، ولتنكسر كل الأنوات القاتلة التي أخّرت مشروعنا الوطني لسنوات. إن المستقبل لا يُبنى بالشعارات، بل بالفعل الجماعي الواعي، القائم على التضحية، والنقد الذاتي، والانخراط في مشروع وطني شامل، يفكر في مصير الأجيال القادمة لا في وهم الزعامة الآنية.

أيها الصحراويون، إن العالم يتغيّر، وإن لم نتغيّر معه – بذكاء – سنُقصى من تاريخه بصمت. لنطوِ صفحة الماضي، لا لننكرها، بل لنتجاوز عثراتها. لننزل من أبراجنا، ولننخرط في الشارع، في الإعلام، في الفكر، في الفعل، دفاعًا عن مشروع وطني تحرري لا يزال يُراد له أن يُدفن حيًّا. ولنتذكر دومًا أن زمن الشعوب لم ينته، لكنه لا ينتصر إلا لمن يستحقه.

Enter